كتابة مرواغة وماضي حاضر
قراءة في رواية ( تل القلزم ) لمحمد الراوي
بقلم/أحمد أبو سمره
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إن الصورة المجازية التي ذكرت أن الفن عموما له معبد تحرسه ساحرات شريرات
وأي شخص يدخل عندهن ينجذب إليهن وهن مستمتعات به ، والراوي مع متعته يراوغ تلك الساحرات ، وأحيانا يستسلم لهن دون أن يغيب وعيه بقيمة الحفر في طبقات متراكمة بعضها فوق بعض من الوعي واللاوعي ، الماضي والحاضر ، وهو يعرف أين يقف في سباق الأشياء0
ورواية تل القلزم أضاءت مساحات علي الماضي الذي تحدث عنه محمد الراوي وألقي
بنفسه في أتون المعبد ليصنع لنا هذا العمل الروائي ، حيث يولد زكريا في زمن احتلال
الوطن بصفة عامة والسويس بصفة خاصة ، وكان المحتل يغرز في لحم هذا الوطن من سمومه
التي أخرت وثباته نحو التقدم ، فيرتد سريعا إلي القمر الذي يحوي سلة الأساطير ليأخذ منها
ما يتوافق مع نجمه المستدير ليخطو بنا خطوات نحو الماضي التليد لهذه المدينة الخالدة السويس
لذا كان لزاما علينا أن نسوق منهجنا في تلك القراءة التي فجرته الرواية ذاتها وهو يتفق تماما
مع ما قاله باختين ( إن دراسة الرواية بوصفها جنسا أدبيا تتسم بصعوبات خاصة وذلك بسبب الطبيعة الفريدة لموضوع الدراسة نفسه – الرواية - باعتبارها الجنس الأدبي الوحيد الذى مازال مستمرا في التطوير وبالتالي لم تكتمل ملامحه حتى الآن ، فالقوي التي تساهم في صياغة
ملامحه باعتباره جنسا أدبيا لا تزال فاعله ومتحولة أمام أعيننا ، فميلاد الرواية وتطورها يدوران في معمعة التحولات التاريخية التي نعيشها ولذلك فان الهيكل العام للرواية لم يتصلب –
أي يقف ثابتا – عوده بعد وليس باستطاعتنا التنبوء بكل احتمالاته الشكلية)
ويقول صبري حا فظ ( لماذا يجلب القراء توقعات معينه إلي النصوص السردية ويميلون إلي
تفسيرها بطرق مماثله 000؟ وهي أن فهم القراء المشترك للمواصفات والتقاليد هو الذي
يزودهم بالفهم لطبيعة هذه العلاقات التي تنهض بين النص والقاريء أو الواقع الاجتماعي أو
التاريخ أو المؤلف أو الإنسان أو غير ذلك من الأطر المرجعية والنصية00 فإذا ما عرفت الرواية بالإحالة إلي تقنياتها فان هذا يفترض رؤيتها باعتبارها تتجه في تطورها صوب نوع
من الكمال الفني والتجسيد الأسلوبي ، والتغيير الجذري الذي تحدثه في التناسق الزمني للصورة
الأدبية وتكامل بنائها والارتباط الوثيق مع الحاضر في كل تجلياته المتعددة المفتوحة، والمتعامل مع الواقع بمنطق الاستعارة التي يقيم فيها الفن مع الواقع علاقة جدل فعالة وخلاقه)
وإذا كانت الرؤية الجبرانية تسند إلي الأدب مهمة التعبير عن الكائن المادي منه والروحي أو
ما وراء المادي في ارتباطه مع العالم المادي ، وهي رؤية تنطلق من منطلق ميتافيزيقي ، إلا أنها تتفق مع رؤية الراوي للأدب إلي حد بعيد0
علي أية حال دستويفسكي 1864 قال ( إن إرادة المرء الحرة غير المقيدة ، وميوله الخاصة
أيا كانت درجة اندفاعها أو تهورها ، وتخيله الخاص الذي يتأجج أحيانا فيصل به إلي مشارف الجنون هو أفضل وأعظم ما يمتلكه الإنسان ، وهو جانب لم يوضع في الاعتبار ، وذلك لأنه يستعصي علي أي تصنيف ، ويترتب علي إغفاله أن تحيق بالأنظمة والنظريات أوخم العواقب )
لذا سأخوض غمار تلك التجربة بإرادتي الحرة غير المقيدة بمنهج أو نظرية ، وسأترك ميولي الخاصة أيا كانت درجة تهورها لتغوص في جسد الرواية بعيدا عن تلك الأطر لأكتشف عالم محمد الراوي 0
والسؤال 0000 هل الراوي يكتب الرواية من منطلق التأصيل لقدرة ما علي ممارسة الأدب بصورة من الصور ، أم أنه يستمتع بتلك الممارسة لدرجة تشبعه هو ذاته من هذا العشق المتملك لحواس الكتابة عنده ؟!
للأجابه عن هذا السؤال لابد أن ننظر في الرواية لنتحقق من المنطلقين التأصيل والاستمتاع
فالرواية في ثلاثة فصول وهوامش للفصل الأول والثاني ، وان كنت لا أميل إلي مسألة الهوامش التي اضطر لها الرواي ليعرف القارىء بأماكن تل القلزم المطروحة في الرواية ،ومبرري في ذلك هو أن المبدع ليس مجبرا بسلطة لأن يفسر ما يكتب أو يشير إلي الأماكن التي دارت في أروقتها الرواية فقط هو الإبداع ذلك الساحر العجيب الذي يأخذنا معه ،ويتركنا لنلهث
باحثين مندهشين نحاول أن نفك شفراته اللؤلوئيه ، نغوص خلفها في محيط الجمال بما تركته فينا من أثر لاينتهي، هذا بالفعل ما جعلني أدخل الرواية من بوابة شرعية وضعها أمامي الكاتب
وهي ( لا ينتسب إنسان إلي أرض ليس له موتي تحت ترابها) فهو سيتحدث لنا عن ذكرياته مع المكان والزمان ولكن بطريقته هو( زكريا ) بطل الرواية فذات الكاتب سوف تطلق
عنانها وننطلق معها إلي عالمها الرحب ونقرأه بما يتفق بالفهم المشترك لتاريخ المدينة ، التي
تعاني من تمزق غريب بين قبليات وافده وأخرى ذابت وتلاشت ولم يصبح لها وجود ، فيصرخ صرخة رافضة لما يدور حوله لأنه فنان لا يستطيع الدخول في جدل مع الغوغاء فقط يعلن عن موقفه داخل العمل الفني ليسجله الأدب ، ونحن نقول لمن يتساءل عن موقف الراوي من أحداث السويس ، أن الفن رسالة يرسلها الفنان لتعبر عن هذا الموقف 0
شخصيات الرواية
تنقسم إلي : الأول إنسانية وهي 00 زكريا –الأم – القابلة – الطفل العجوز –الشاويش
مصطفي - الخال – أبيه – الشيخ عبد الرحمن – الخمسة عشر شهيدا – عمال السويس
الأخ الأصغر – سارة – كاترين - الإنجليز – جندي إسرائيلي – التلاميذ 0
الثاني أسطورية وهي 00 أجي –أر سينوي – الشبح الأسود – الملك سوس – امرأة
الدهليز – بطليموس الثاني 0
الثالث أماكن وأشياء تتمثل في : 00 البحر – الطابيه – الكنز – الديك المسحور
البندقية الانفيلد – كلاب الطابيه – قطار السويس - النظارة – شنطة كاترين 0
ومن خلال سردها يتضح أنه قد أختارها بعناية شديدة ، وكان لها دور فاعل في حركة السرد
الروائي ، فهو يهتم بأدق التفاصيل عند رسم الشخصية كما يريد هو ، لأني لي رأي في مسألة
رسم الشخصية الفنية ، وأقول إنها شخصية تختلف تمام الاختلاف عن الشخصية الواقعية فقط
تتماس معها من حيث الروح واللحم الفني كما أستلبها الكاتب لنفسه والا يكون كاتبا تسجيليا وهذا فرق كبير بين الشخصية في الواقع والشخصية في الفن ، لذا نحن أمام شخصيات روائية ونحاكمها في سياقها الروائي وليس في الشخوص التي انبعثت وتفجرت منها فأحلناها إلي شخصيات عاشت معنا في الحياة دونما حساب لرؤية المبدع لها عند خلقها من جديد0
وإذا كان زكريا هو البطل الحسي في الرواية ، الذي يمثل حياة الكاتب يتحدث بلسانه في الرواية
فالملك سوس هو الشخصية المعنوية التي يحملها الراوي أمانيه وآماله وتعاسته وسعادته فهو الترمومتر القياسي إن جاز لنا التعبير للحالة التي تمر بها القلزم اللصيقة بز كريا /الراوي في حركة السرد المعبر عن الواقع الروائي المعادل للواقع الاجتماعي والذي هو مغاير له مهما تطابق معه، وأجي الحلم الذي يراه دائما منذ الصغر بل ويطابق بها أر سينوي الجميلة خليلة مخيلته ورائعة الزمان الدائم ،في مشهد تقف فيه عارية الجسد الأبيض ص32 ،فهو يستحضرها
أمرآة شعرها أصفر – قمحها بسنابله التي كانت في أيام بطليموس تطعم الدنيا ينتهي بها الحال منهوكة القوى في الوقت الذي ينتصر زكريا لها علي كاترين نموذج الغرب القتلة ولغة الرواية
التي تأخذك أخذا بعيدا عن الأيروسية المتدفقة مع أجي ، وبقدرة عجيبة يقذف بنا في منحني الموضوع بقوله ( رأيتني مكورا داخل جدران الرحم وأنا أتأهب للنزول إلي العالم000 )
- انظر حوار ص32.33.34 وص37 ، هذا الحوار لابد من قراءته لأنه قطعة فنية أستطاع الراوي أن يجعلنا نندهش لنغوص معه في اللحم الطري لأر سينوي السويس أجي مصر Egypt ونخترق اللحم والعظم وندخل الرحم ونشم رائحة الجسد ويملئنا الشبق لأجي وهي تستحم وننظر مع زكريا عليها ، فإذا كان تلصصه من فتحة الحمام السفلية قد قذف بنا إلي داخل السرد لنراها ونتخيلها ونعشقها مثل عشقه ، فالراوي أيضا لا ينسى أن يقذف بروعة المكان وسحر البحر في لحظة القراءة فلا أنت تستطيع أن تقول انك أمام صورة حسية صرفه ولا ترفض الاستمتاع بهذا الحس الرائع العاشق لأر سينوي الخيال القلزم الواقع
- اللغــــــــــــــــة عند الراوي :
اللغة في هذه الرواية لها سمه خاصة فهو يعتبرها كائن يتنفس ويستطيع أن يأنسنها لدرجة
العشق لدرجة الشاعرية بإحساس مرهف تتوالد من بينها الأحاسيس فهو يكتب اللغة بحساسية مفرطة لدرجة إنني لمحته يضاجع اللغة الأنثى برشاقة وقدرة عجيبة ، جعلتني أنا شخصيا في وله بها 0
الوجود المحسوس وذات الكاتب الفاعلة
من كل ما سبق أندفع في تهوري لرصد الرواية والتي يستهلها بسؤال مهم في فهم هذا النوع من الكتابة لأنه المفجر لبطولة المكان وهو ( لماذا لا أمارس قوتي علي الأشياء فأغير منها أو أستدعي بعضها وأطلق البعض الأخر ،ولا أستسلم لقوتها الخارجية التي تبدو ثابتة ثباتا مخادعا
في أحيان كثيرة 0000 مرت عشرون ألف سنه ربما يزيد لا أدرى علي وجه التحديد 000 لم تكن ملامح هذا المكان موجودة بالشكل الذي تظهر به الآن 00000000 لقد بقيت الأشياء منذ
وجدت ملقاة هامدة لا أسماء لها ولا معني وكنت أنا موجود في ذلك التيه السرابي الرجراج كالسر الدفين ) 0
تل القلزم سيرة ذاتية للمؤلف فهو مادتها التي تعطي للمكان أهمية فالأشياءلاقيمة لها ولا نفس فيها بينما أنا الذات تمنحها ما ليس فيها فتصبح حاضرة في ذاكرة الوعي العام لنا بما منحه هو لها من وجود مغاير أضفي عليها هذا الوجود الطاغي طوال الرواية0
وأضيف أن الرواية سيرة ذاتية للكتابة في لحظة استثنائية من حياة الكاتب وكلاهما يسبق التاريخ الفعلي لظهور المكتوب والسيرة لا تتوقف ( كما يقول غالي شكري ) عند الحاضر المكتشف بل
تخترق الماضي الكاشف والمستقبل قيد الاكتشاف، ذلك أن النص في خاتمة المطاف هو الكشف
، والكشف هو الصيغة الدلالية ، بوصفة صيغة جمالية يقع المرئي والمسموع والمحسوس في قلب المفاجىء والغريب وغير المتوقع في غير المنظور ، الموت في الحياة، هكذا يصبح الحدث
وليس التاريخ نسيجا لغويا لسيرة الحياة0
فهو يحكي قصة الخلق التي أرتبط بها في هذا المكان بجمل قصيرة موحية ، تختصر المسافات
في الزمن وتعطي حركية التنقل بين الأزمنة دونما تزيد واصفا بقعة ساحرة يراها كعروس مستلقية في انتظار الولوج الأول ، ثم يربط بين القمر واستدارته وبين مولده في منتصف الشهر
في فراغ الحجرة – الكون الواسع – الذي هو السماء والأرض والأشياء ، مولود غير عادي يركل أمه في فخذها بقوة ويتطلع إلي السقف بعينين مفتوحتين ، يضحك في وجه القابلة ، ويحاول التخلص من يدها فكان زكريا ، فالحجرة كدال له أهمية كبيرة في حركية السرد الروائي
حيث يستدعي فيها كل الأساطير الفاعلة والأثيرة في فراغها ، ويميز بين الأماكن بوثبات زئبقية
( كل حارة لها عبق مميز لها برائحة وأنفا س سكانها ) فللرائحة في تلك الرواية شخصية تضاف إلي شخصياتها والحارة القديمة هي دال للتاريخ إذ به يلعب لعبة الأقنعة حينما يرتدي قناع الطفل العجوز الذي هو الكاتب نفسه وان وضعه بين الأشياء المراوغة رجوعا إلي مقولتة
في مستهل الرواية ( لا قيمة للأشياء دون وجوده )، فهو يملك وجه طفل وجبهة مليئة بالتجاعيد
ونظرة رجل ، والطفل الرجل يتسق مع الحارة / التاريخ ، فهو المولود معها والشاهد عليها0
الشاويش مصطفي نموذج للراهب في محراب أجي الوطن الرائع الحسن لدرجة الموت في سبيلها في معركة كوبري الهويس ، الذي يبكي الوطن بين الجدران لما فيه من مآسي الاحتلال
الإنجليزي ويتعامل مع أهل الحارة ببشر ولا يدرك أحد ألآمه إلا زكريا ومن أجي الجميلة ،
وبين تردده وجرأته ورائحة البحر ورائحة الحارة تخرج الطابية القديمة الأزلية ، وأشباح التلال
التي ترتبط بصورة لاصقة بأشباح الحجرة صندوق الأساطير والحكايات لدي زكريا / الراوي
الذي يربط بين القمر في البحر والحارة ( في ظلمة فسيحة ممزوجة بضوء باهت ، أدرك أن ثمة
قمرا يصعد من حافة الليل ألقي بضوئه علي الماء المتعرج ، فبدا ملتمعا ) وعلاقة الراوي بالبحر هي علاقة أزلية فقد خلق معه يوم أن خرج من رحم أمه وهي التي تفسر علاقة الأشباح السحرية بالبحر فرائحة البحر العطرة ،ورائحة الشبح العطرية التي هي أر سينوي القادمة من رحلة طويلة أبعد من القمر ، فأر سينوي كائن ملائكي في روح زكريا 0
التراث في الرواية
يلعب التراث دورا مهما في هذه الرواية وعلي مستويات عديدة
الأول 000 ويتمثل في الطابية ، أر سينوي ، بطليموس ، الملك سوس ، الكنز ، أجي ، الأم ،
الحارة ، الخال ، الشاويش مصطفي ، الهويس ، كفر أحمد عبده 00 الخ
الثاني 000 ويتمثل في المشهد الجنائزي لذراع خاله ،والخمسة عشر شهيدا والشيخ عبد الرحمن
أستطاع أن يضع سيرة المدينة المخلوقة من رحمه هو وشاهد علي عبقرية مكانها فهو واع بتراثه الفرعوني والديني والاجتماعي والأسطوري ويستطيع توظيفه بدرجة مذهله وبشكل جديد ، حاول أن ترصد معي مشهد خسوف القمر في روعة النجدة الشعبية لهذا المخلوق العجيب الذي جسد له المصريين في تاريخهم إلهان يجدلان شبكة تلقي لتأتي بالقمر ليشرق من جديد ، هم أنفسهم اللذين يخرجون بالأدوات المنزلية ، والملابس ليصرخوا صرخات جنائزية
منبعثة من معابد التاريخ ،ومتمازجة مع الآم الواقع ( أعيدوا القمر ) فهو مشهد للتحرر من أجل الخلاص الأتي من قهر قابع في محيط المناخ الاجتماعي ، فالقمر دال النور في الحارة ، ومولد النبوءة ، ورمز الحرية في عتمة الوضع السياسي والاجتماعي المعاش ، وننظر جميعا إلي استجابة بنات الحور وربطه لظاهرة الخسوف بقيام القيامة ونهاية العالم الذي فيه نهايته هو ،فالقمر سوس ، والكنز أر سينوي ، وأجي بنات الحور أللوائي ينجذبن لهذا الصراخ ، والصوت هنا فاعل ومفعول به أيضا ، فالصمت ردا حادا لمعني عدم الاستجابة ، وكأن المتعلقين بالحلم لا يجدون الرجاء فيمن يهتفون 0
فمشاهد الرواية وحدات سردية متجاورة تشكل جسد الرواية كما يقول جمال التلاوي فيثب بنا وثبة حريرية إلي الوراء حيث مقدم بطليموس وأخته أر سينوي ويسوق مشهدا أسطوريا لحركة المد والجذر ثم يرتدي هو أيضا قناعا لطائر أسطوري فيعيد رسم خريطة المدينة برؤيته المخالفة لأتجهات العلم الأربعة ويشغلك تماما عن التفكير في هذا الأمر ليلقي بك في كآبة العصر وأدعائاته بمثال واضح لنا ( مقابر الشهداء بالأربعين) وهو يربط بين حشود بطليموس
الذي لا يعتبره غازيا وحشود الإنجليز علي كفر عبده وإسرائيل علي القلزم ومصر في نكسة 1967 ( فالتاريخ موصول يا خالي ) ، ولكي يعطيك السيرة الذاتية فعلي زكريا ذكر ما جري في حادثة كوبري الهويس وكفر عبده ليؤكد طبيعة المدينة المقاومة في عصور متتالية وحينما يستدعي الملك سوس يصفه( يرتدي درعا من الجلد علي صدره ، ويقف شامخا صارما فوق التل ، يلوح بسيفه الضخم في الهواء ) فسوس هو تيار الوعي الموازي لحركة السرد في الرواية
فنجده يرسم صورة محبطه ( مكبلون الذين أعتر فوا أنهم قابلوه وسلم عليهم وسألهم عن أحوالهم كأنه يعرفنا ) وليعطي سوس سمة الموروث تطل علينا الأم خبيئة الكنز لتروي لنا أنها ورثته مع ما ورثت من الجدة عن الجدود 0
الحوار في الرواية
للراوي قدرة علي استخدام الحوار في الرواية بحيث يستطيع كسر حالات الرتابة ويضيف للنص قدرة علي الوثوب من ثبات إلي حركة فيأخذ النص في الاتجاه الصاعد وتتجدد درامية المشهد ،وأسأل لماذا لم يجرب الراوي الكتابة للمسرح فهو يمتلك القدرة علي رسم الشخصية والحدث واللغة وديناميكية الصعود بالموضوع إلي حبكته ،وان كانت غير متوقعة 0
وقفات أخيرة
شبح الطابية قريب الشبه للشبح الذي قاد منصور للنبوءة
سارة طفلة السرير قريبة الشبه من سارة الجد الأكبر
أر سينوي 000 أجي هل واحدة منهما لا تكفي لصناعة أجواء أسطورية
أتفق مع محمد عطا في ذكر المشهد الجنسي المبتور مع كاترين
( صعقني بياض بشرتك ولكنه لم يصعقني من الداخل داخلي مازال مليئا بالجثث 00 الشاويش مصطفي ذراع خالي ) ينتصر الراوي لذاته أمام كاترين الإنجليزية ، وفي هذا المشهد يستحضر أجي منهكة غير قادرة علي الوقوف ،ويحاول أن ينعشها بماء النيل تكنها لا تستجيب معلنا إن مصر تمر بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية سيئة 0
شكرا للراوي علي استمتاعي به مرتين مرة وأنا أكتب الدراما الإذاعية عن تلك الرواية التي لم تري النور للتخلف الإعلامي الذي تمر به مصر ومرة وأنا أكتب تلك الدراسة التي هي مجرد قراءة الراوي صاحب الفضل في الوصول بها إلي حضراتكم
خالص تحياتي
أحمد أبو سمره