منتديات الشاعر المصرى عبداللطيف مبارك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أدب . فن تشكيلى . كومبيوتر . جوال . فضائيات . أسرة وطفولة . إسلاميات
 
الرئيسيةlatifأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحـب :: الوجـه الآخــر بقلم محمد الراوى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبداللطيف مبارك
Admin
عبداللطيف مبارك


عدد المساهمات : 888
تاريخ التسجيل : 07/04/2008

الحـب :: الوجـه الآخــر     بقلم محمد الراوى Empty
مُساهمةموضوع: الحـب :: الوجـه الآخــر بقلم محمد الراوى   الحـب :: الوجـه الآخــر     بقلم محمد الراوى I_icon_minitimeالأحد يونيو 14, 2009 8:39 pm

الحـب :: الوجـه الآخــر

الحب العظيم هو الذي يدمر نفسه في النهاية



الحب الذي يتحول إلى صداقة هزيمة . إن المساواة التي تفرضها الصداقة في العلاقة مع الآخر سرعان ما تتحول إلى نوع من التخاذل والاستسلام ، فتفقد العلاقة العاطفية توترها ويخبو بريقها. فلا إثارة ولا غرابة، ويتلاشى عنصر الدهشة مع ضمور لذة استكشاف الجديد في كل لحظة داخل كيان الآخر. لذلك فإن استبدال الصداقة بالحب يعكس الموقف المتذبذب من الأنا . فنحن نحب أنفسنا أو ذاتنا أكثر من أي شئ آخر، وعلاقة الحب هي محاولة دائبة ، طالما العلاقة قائمة في محاولات استدراج الأنا للأنا الأخرى للدخول في فضائها. وفى كل علاقة حب جديدة تحاول الأنا من جديد عملية الاستدراج هذه . فالأنا متعطشة لمن ينجذب نحوها حتى لو كانت الأنا الأخرى متناقضة متضادة معها .

بل إن علاقة الأنا بالأنا المضادة تكون في الغالب علاقة متأججة لما تتسم به من تناقض وتضاد وتقاتل أحيانا ، وأن محاولات الاستكشاف والجذب والدهشة لهى من العوامل التي تثرى العلاقة والتي تقف دائما على حافة هاوية ما ، وأخطار متوهمة يعمل الطرفان بالتوالي على الاقتراب منها حينا والابتعاد عنها حينا آخر

لذلك فإن تحول الحب إلى صداقة هو تحول مائع غير محدد الشكل حيث تتقارب سمات الأنا والأنا الأخرى وحيث ترتخي الروابط التي تشد بين الطرفين، فلا شد ولا جذب. والحب العظيم هو الذي يدمر نفسه في النهاية ، وهو مصير طبيعي وأكثر منطقية طبقا لمفهوم الأنا والأنا المتضادة ، فالتنازل هنا هزيمة ، والاعتراف بالهزيمة مرفوض وغير مقبول ، ولا يتساوق مع تركيب الأنا عند الطرفين، فكل أنا تقف في حدودها بكل عظمة وبهاء ونرجسية ، وعند الذروة لا تقبل إلا أن تدمر نفسها. وهكذا مصير كل شئ عظيم ، يبدأ عظيما وينتهى عظيما، ولا يقبل التراجع أو الاستسلام أو التحول .

إن الأنا هي أعز ما نملك، وهى المحور الذي حوله حياتنا القصيرة ، وعدم استقلالها أو إثبات وجودها بأقصى ما يمكن فيه جريمة لا تغتفر تجاه تكوينها المتفرد . إننا نحب ونعتقد أحيانا أنه الحب الأول والأخير، ولكن إذا خرجنا بعيدا عن إطار جاذبية العلاقة سنكتشف أننا نحب ونتغير ولا نكف عن الحب أبدا،لأن الأنا لن تبقى مستكنة، فهي تريد أن تحقق نفسها ، فنعيد الحب مرة أخرى ومرات .

وليست تقلبات القلب أو العاطفة علامة على الخفة أو المراهقة، بل هي رحلة أبدية مستمرة تبحث فيها النا عن الكمال والوحدة التي لن تتحقق أبدا . وهذا ما المحنا إليه في كلامنا عن المطلق والنسبي ، فكل ما نعتقد أنه مطلق في البداية سرعان ما يكشف عن نسبيته وجود مستوى آخر في الإمكان أن ندخله ونعيش فيه بنفس الحرارة والاندفاع والشبق، وبنفس الشعور بطزاجة التجربة واكتشاف الجديد فيها. وندرك أن المطلق هو ما يحصر الإنسان ذاته وعقله في مفهوم محدد غير قابل للتغير أو التحرك مهما كانت الظروف والأحوال.

إن اصعب ما في العلاقة العاطفية هي محاولات المصالحة بين حب الذات وحب الآخر. فحب الذات يجعلنا نرغب في الاستقلال، وعدم الدخول في أي فضاء أو مجال للجاذبية سوى مجال الذات، وفى هذا تكمن خطورة الأنا أو الذات .

إن ازدواج طبيعتنا هي التي تحدد إلى أي مدى نتعلق بالآخر ، وإلى أي مدى يقف الآخر بعيدا عنا . وعندما نفشل أو لا نعرف أن نكسب حب الآخر لذاتنا فنحن مستعدون في المقابل أن نحب أنفسنا بهذه الأنا ، بل ونكتفى بها .

وكثيرا ما يفسر التعلق الشديد بين الطرفين على فقر الأنا أو نقص فيها. لكن قيمة الأنا المطلقة تكشف عن نسبية الآخر . أحيانا يغار أحد الطرفين من حياة الطرف الآخر إذا ما لمس اكتفاء الآخر بنفسه، بعزلته أو وحدته ، بالاكتفاء بحياته الخاصة بطريقة حياته الخاصة أيضا ، وتود الأنا هنا أن تستولي على الأنا الأخرى وان تجعلها تابعة لها أو أن تدمرها.

إن فشل الأنا في الاكتفاء بنفسها عند الضرورة أمام الأنا الأخرى يؤدى إلى الإدمان أو الانتحار أو أي شئ مميت . فشئ مميت ألا نحب أنفسنا واخطر منه أن يؤدى عجز الأنا إلى الرضوخ، ومن ثم التدمير، وهو يختلف عن التدمير في حالة حب عظيم ينتهي .

وإذا نظرنا إلى الحب برؤية اقل تعقيدا وتشابكا من الرؤية السابقة ، نجد أن الحب هو محاولة للتغلغل من كيان إلى كيان آخر ، من ذات إلى ذات أخرى ، من أنا إلى أنا أخرى متضادة ، ومن الصعب التخلي عن الذات أو الأنا ، وقليل من يرضى بالتسليم والتنازل،وأكثر من ذلك قليل من ينجح فى تجاوز تلك المرحلة التملكية أو التنازلية والتمتع بالحب كما هو على حقيقته، وأي حقيقة ؟

اكتشاف دائم ، وغوص في مياه الحقيقة، حقيقة الوجود والجسد، والثنائية، واعادة خلق مستمرة .

إنا نتخيل الحب كغزو وصراع ما دامت الأنا تقف في مواجهة أنا متضادة من دون تنازل، ولكن في حقيقة الأمر أن التغلغل في الحقيقة عبر جسد ما هو بمعنى آخر أكثر قسوة، انتهاك لتلك الحقيقة واختراق للأنا الأخرى ، من هنا تبدو صورة الرجل الذي يستعين بمشاعره الحقيقية أو الكاذبة لامتلاك المرأة . إن امتلاك المرأة أو اختراقها يعنى الدخول المقتحم لعالمها وأشيائها وجسدها وأفكارها وأحاسيسها، وعندما يخترق الرجل المرأة، يكون الرجل قوة منعزلة داخل قوتها الذاتية، لا علاقة لها بمجتمع أو قانون إلا قانونها الخاص تؤدى فعلها بلا أي التزام بالعالم الخارجي.

إنه العزلة المحضة والوحدة التي تلتهم نفسها وتعبر عن نفسها فى نفس الوقت، وتلتهم ما تلمسه او تخترقه. إن ما نطلق عليه حبا ما هو إلا عملية إخفاء وتجميل لكل هذه الصراعات التى تصطخب داخل النفس البشرية، هذا التيه الفسيح العميق الغامض أبدا، وأن هذا العالم الداخلي المتوهج هو أصل الإنسان الذي قاده من الماضي السحيق حتى حاضرنا هذا .

والذي يقول أن وقوعنا في الحب هو اختيار حر لقدرنا..لم يصب القول، لأن الحب اكتشاف فجائي لأكثر جوانب كياننا سرية وقدرية..والذي قال : قل لي كيف تموت أقل لك من تكون ..فاته أن الموت يوقف الصيرورة ويعدم الأنا . ولا يبقى في نظري سوى مقولة واحدة ، أكثر أهمية وعمقا ألا وهى :

قل لي كيف تحب أقل لك من تكون .



§ نشرت بجريد القدس العربي في 13/10/ 1998
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://latifmoubarak.yoo7.com
 
الحـب :: الوجـه الآخــر بقلم محمد الراوى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الشاعر المصرى عبداللطيف مبارك :: المنتدى الأدبى العام :: منتدى الخواطر-
انتقل الى: