السيد حنفي
عدد المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 19/04/2008
| موضوع: مشاعر ورقية السبت أبريل 19, 2008 3:15 am | |
| مشاعر ورقية
هـي
مرق.. هكذا.. ؟ كما ينسل العمر من بين اللحظات الدافئة.. ؟ كما تصمت النغمات على الأوتار الممزقة.. ؟ كما تهوى الأغاني في جب الصمت.. ؟ لكنه سيعود.. نعم.. أنا على يقين.. لذا أصحن الحناء لأصبغ شعري بلون الغروب الذي يهواه.. حين يعود سأضع على شفتي آخر أشعاره, سألون أيامي بالدفء المسكوب من عينيه, سأوقد الشموع لتعانق ظلالنا فواح العطور.. سيعود.. أكيد.. قبل أن تنطفيء قناديل حجرتي الورقية, قبل أن يغمر الذبول زهور العمر اللاهث خلف الغروب.. سأقبل وجنتيه, حيث كانت شموس العشق تتراقص, سأنهل من شفتيه لأروي جفاف عمري.. سيعانقني.. ؟ حتما.. فهو يحب أن أخاصره بالليالي الساهرات تحت جفون السهد, يحب أن أراقصه على إيقاع حبات المطر حين تدق على جبيني.. وسأغني.. هو يحب ترنيماتي, أناشيدي, صوت قلبي وهو يلهث خلف كلمة عشق.. أحبه حتى البكاء.. لكني لن أبكي, فقط سأحتوي أيامه الشاردة بالدفء الذي يفتقده.. سيعود.. سألقي تعويذات الهوى على أجنحة الغرام, تحملها النسائم إلى عينيه فتهتدي نظراته الهاربة إلى وجودي.. ويعود..
هـو
يطوي الليل الصحف الداكنة تحت أقدام المطر, أعانق الرحيل بين السطور الساكنة صفحات ملساء, تصرعني المتاهات, مرهقا أنزوي تحت أقدام الوهن بلا عنوان.. ترى من بدل الأناشيد بالظلال الزائفة على دكن الألوان ؟ من قايض الغد بسنوات منسلخة من بين العمر المترهل ؟ من أطفأ الشموع التي كانت تراقص ظلي وسط فواح العمر المنهزم ؟ أمل العودة يتأرجح تحت قدمي.. هل أعود إلى الحجرة الورقية المطفأة القناديل ؟ أم ألملم الأشعار من فم الألم ؟ أم أظل كما أنا.. قابع وسط الإنشطار.. ؟ أم أغزل الليل عله يهديني الخواء ؟ تؤرقني كؤوس الخمر.. أنا لا أحب الورق الأبيض, ولا الكلمات الزائفة التي تلونه بلون الكآبة, ولا أحب الخمر, ولا أحب...... ماذا أحب........ ؟ قد نسيت..
هم
الـ هي.. كانت تنظر في عيني.. الـ هو.. كان يتأمل أوراقي البيضاء.. الـ أنا.. كان يبتهل إلى النجم أن يهبه عطر الكلمات.. الـ نجم.. كان يرقبنا ساخرا..
هـي
جئت الآن.. بعد أن خانتك كل نساء المدينة.. بعد أن لعنتك أحذية الأسياد.. ؟ هل تأمل أن تجد مني بقية بعد أن تبولت أحلامي في متاهات السفر ؟ بعد أن ثقبت روحي فنزفت عشقي على بوار أرضك.. ؟ بعد أن دمرت منابع الضياء في تكويني ؟ ماذا........ ؟ أتود أن تمسني... تضمني... تعانقني... أم أنا الواهمة.. ؟ جسدك واهن, جسدي مترهل, منزوع منك الإشتهاء, مقتولة داخلي الرغبة.. هل أنفرج لتقذف أوجاعك في عطني ؟ لتثبت أنك الرجل الذي.............. كم تمنيت قبلا أن تمس نظراتي الهائمة على تجاعيد ملامحك, كم وددت أن يضمنا مساء العشق على شاطئ السمر, نراقص أغنياتنا الحزينة, فتنبت من شجن الناي نغمات تهدهد كلماتنا, ونرشف بقايا القبل.. كم وددت أن تنطلق روحي في سماء عينيك, أن أدفئ قلبك بهمس أغنياتي, أن أغمرك بالحنين الذي أعددته منذ نبت العمر الأول, حين كانت الشمس ترفل بين عناقيد سنواتي.. خلف الغمام توهة.. أما نظرت هناك ؟ أما رأيت الألم يزدهر حين تمتد المسافات لحدود الفراق, أما رأيت الشوك ينمو على جدب الرحيل.. ؟ عدت الآن.. بعد أن هزمك الترحال جئت ترسو على جسدي ؟ أما زلت متوهما أن جسدي ملاذا للمقهورين ؟ ألم تدرك أني شراع بلا قارب, فاقدة لمعنى الإتجاهات, غريقة في لجج التلاطم بين عبارات الهذيان.. والآن هل أتجرد لك عن آخر حبة حياء ؟ هل أنزع لك ورقة التوت الأخيرة ؟ هيا إذن.. ارني ماذا ستنبت داخلي غير المرار المزدهر سلفا..
هـو
الظلام لا ينبت زهورا ولا أشعارا.. لا أجني منه سوى مزيد من الخوف, وحين يعم الضوء سطوح الأشياء, يتكسر عليها ظلي.. أنشطر.. تبعثرني الأنواء, ولا يلبث الصقيع أن يجمدني.. ألتمس الدفء, يحرقني الدمع المنساب من عيون الهزائم المتوالية.. أرهقتني الأيام, التجوال بين الليالي الغافية أورثني ألحانا جنائزية تنعي مفردات الحياة.. أين أنا الآن.. ؟ يتربص الوعي باللحظات الشاردة من غفوة الزمان, يكبلها بالفكر المتبل بالهذيان, أنصهر, أتقطر على جسد غير عابئ بالآلام المتوارثة.. الحيز الباقي من الحياة حجرة ورقية, سجين أنا بين سطورها, أسير لحروفها المهملة, مصفد بالألوان العتيقة الداكنة.. أنا كنت أغني على شاطئ الحياة, حين مر بخاطري راعي يسوق أمامه الوردات.. أهداني فواح شوق الشفاه, أهديتها القبلات الشاعرة, لكن الشمس مرهقة حين تغضب, حارقة حين تبسم, لا تحنو الشمس أبدا إلا حين غروبها, وقي الشروق تتبدد الآمال سريعا, تتبدل نارا لا تطفئها الدموع.. أهملت قدماي الرحيل, فسقطت في بؤرة التوهان, ما عاد يؤنس وحدتي سوى ذاك النجم الساخر, الذي يشهد زيف الحياة.. لحظات وأموت.. لماذا إذن كان الوجود.. ؟ تنزلق قدماي على صدر يبتكر من الأنين مأوى للصدى, تحاصرني نظراتها المجهدة, أتكور في بؤرة المعاني المجهولة, يغمرني الحبر الأسود, تلملمني الأقلام الحجرية, تقذفني على صدر الحجرة الورقية, عنوانا مبهما.. !
هـم
الـ هي.. كانت تشطر ورقة أخرجتها من بين الدموع التي أرهقتني.. الـ هو.. كان يتحسس المنضدة الفاصلة بينهما بالارتجاف.. الـ أنا.. كان يرسم خطوطا متوازية تخاف اللقاء.. الـ نجم.. كان يبتسم لزهرة تنمو خلسة خلف الغمام..[b] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|