القاهرة - محمد علاء الدين
الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠١٣
أثارت أغنية «إحنا شعب وانتوا شعب» التي أصدرها الفنان المصري علي الحجار جدلاً واسعاً بين صفوف المصريين أخيراً، بين مؤيد يرى أنها وصفت ممارسات «جماعة الإخوان المسلمين» في الحكم، ومعارض يعتقد أنها تكرس الانقسام في صفوف الشارع المصري، وتحرض ضد جماعة الإخوان والإسلاميين بشكل عام.
وأصبحت الأغنية التي صدرت قبل شهرين ولم تنل شهرة آنذاك، أكثر الأغاني مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي وتحميلاً على المواقع الإلكترونية، والسبب تسليط قناة «الجزيرة» الإخبارية الضوء عليها في أحد التقارير، وانتقادها اللاذع لها.
ويقول علي الحجار لـ «الحياة»: «طرحت الأغنية قبل شهرين تقريباً وكتبها مدحت العدل منذ فترة، والسبب الذي دفعني لطرحها، ممارسات الرئيس السابق محمد مرسي وجماعته بداية من توليه الحكم عندما قال «أهلي وعشيرتي» وكانت بداية سيئة للغاية، مروراً بالخطاب الذي أرسله إلى السفير الإسرائيلي في مصر والذي افتتحه بـ «صديقي العزيز» وختمه «أتمنى رغد العيش لبلادكم».
ويضيف أن بين دوافعه «ممارسات الإسلاميين وقت اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة، وتهديداتهم بتفجير مصر وتخريبها، ووصف معارضيهم بـ «الحضارة الكافرة» وغيرها من الممارسات التي تدل على الطائفية والعنصرية التي تميزوا بها طيلة حكمهم مصر، رغم أنهم لم ينتبهوا إلى أن أول ما نزل على الرسول الكريم «اقرأ»، في دعوة للتنوير والعلم وإعمال الأسباب».
ويرى الحجار أن مهاجمة الجزيرة وجماعة الإخوان، للأغنية ولشخصه «شرف، لأنها أكدت أنها حققت الغرض المرجو منها، في مواجهة العنصرية والطائفية التي فرضوها على الشعب المصري... هم من سعوا لتقسيم الشعب أولاً... فكيف يتهمونني بالعنصرية؟».
ويستنكر الحجار وصف الداعية المتشدد وجدي غنيم له بالكافر تعليقاً على كلمات الأغنية، مؤكداً أن الداعية «ربما أخذ بظاهر الكلمات والدعوة إلى تعدد الأرباب، ونسي أو تناسى أن كلمة «رب» تطلق على مدير العمل، الزوج في البيت، بخلاف لفظ «الله» الذي لا يحتمل تأويلاً آخر».
ويستدرك بالقول: «التكفير ذنب كبير عند الله، اتهامي بالكفر والصهيونية حقيقة مضحك، ومن هنا أتساءل لماذا لم تتهم الرئيس المعزول مرسي بالصهيونية تعليقاً على خطابه لإسرائيل المسرب، عندما أستمع إلى الاتهامات يزداد إيماني وتمسكي بأن الكليب جاء في توقيت مناسب، وليس عندي ما أقوله أكثر من ذلك».
ويؤكد الحجار أن «جماعة الإخوان لم تسع إلى ما يسمى أخونة الفن وعرقلته، إلا بعد قرارات وزير الثقافة السابق علاء عبدالعزيز بإلغاء الباليه، ووقف دار الأوبرا ما أوضح أنهم كشرّوا عن أنيابهم للفن»، لافتاً إلى أن «المصري ابن غنوة، ولن يستطيع كائن من كان منع الفن عنه والعكس».
ويرى الحجار الذي بدأ مسيرته الفنية منذ ثمانينات القرن الماضي، أن «مستوى الفن تراجع منذ 30 عاماً مضت، بسبب نظام مبارك السابق، والذي ساعد على إلغاء تفعيل لجان الاستماع التي كان يقع عليها فرز الأصوات الجيدة من الرديئة والكلمات المبتذلة من الحسنة، ما سمح بانهيار الساحة الفنية مع بداية القرن الجديد، وابتذال الأغنية المصرية».
ويتابع: «المؤسف في الأمر، أن الفن لم يواكب اندلاع ثورة يناير في الأغاني والمسلسلات، لأنه وصل إلى مستوى لم يسمح له بذلك، ولذا لا تتعجب عندما جمع أحد الأفلام التي أنتجت بعد الثورة وتتحدث عن شارع الهرم، ملايين الجنيهات، في الوقت الذي ينتج فيه المغنون أعمالهم من مالهم الخاص من أجل مواكبة اللحظة الزمنية المهمة كي تكون لهم عبر التاريخ».
وعن مشاريعه الغنائية الجديدة، يجيب: «ألبومي الجديد عاطفي ويحمل عنوان «من الآخر»، يتكون من 12 أغنية تعاونت فيها مع عدد من الشعراء والملحنين من أبناء جيلي، مثل فاروق الشرنوبي، أحمد الحجار، إبراهيم عبدالفتاح، ومن الجيل الجديد أيضاً، أحمد حمدي رؤوف، محمد حمدي رؤوف، وبالمناسبة انتهيت منه وكان من المقرر عرضه في 25 كانون الثاني (يناير) 2011 لولا الظروف المضطربة التي دفعتني لتأجيله مرات».
ويلفت الحجار إلى أن طرح الفنان عمرو دياب ألبومه أخيراً ونسبة مبيعاته العالية، أشعرته بطمأنينة «بأن المجتمع لديه شعور بالخروج من أزمته»، مستبعداً مشاركته في أي أعمال درامية مستقبلاً، لقناعته بما قدم للدراما مسبقاً، ولأنه لا يرى نفسه ممثلاً محترفاً وفق وصفه، مؤكداً انشغاله بالموسيقى ومدى اتصالها بالمجتمع المصري.
ويصف الحجار برامج المسابقات الجديدة مثل «أراب أيدول، اكس فاكتور» وغيرها، بأنها «مجرد أداة للترويج والحصول على المكاسب من خلال الاستعانة بالنجوم الكبار، والاهتمام بالتسويق والديكورات»، متسائلاً: «هل انتهت هذه البرامج بإنتاج مشاريع غنائية ناجحة للفائزين؟».
ويرى أن «الدور الواقع على عاتق الفنان المصري كبير لكن لن يتم دون مساعدة أجهزة الدولة في نشر الثقافة، فالفنان لو لديه رغبة حقيقية في التغيير، لن يستطيع تحقيقها بمفرده»، داعياً الحكومة إلى «تحمل مسؤوليتها تجاه الفنان أولاً كي يتمكن من إتمام رسالته الفنية على أكمل وجه».